تعتبر حقوق المؤلف من الركائز الأساسية في حماية الإبداع الفكري والفني، وهي تعكس احترام جهود المبدعين، وتعزيز مساهمتهم في الثقافة والعلوم والفنون.
في المملكة العربية السعودية، تم وضع إطار قانوني متكامل لحماية هذه الحقوق من خلال نظام حقوق المؤلف، الذي يهدف إلى ضمان حماية الأعمال الفكرية وتوفير بيئة تحفز على الابتكار.
في هذا المقال، سوف نستعرض حقوق المؤلف في النظام السعودي، مع التركيز على الجوانب القانونية المتعلقة بها.
تعريف حقوق المؤلف:
هي مجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الأفراد الذين يقدمون أعمالاً إبداعية من طبيعة أدبية، أو فنية، أو علمية، أو برمجية. وتهتم هذه الحقوق بحماية العمل الأصلي ضد الاستخدام غير المشروع أو التعدي عليه.
وفي المملكة العربية السعودية، يتمتع المؤلف بحقوق معترف بها دولياً لحماية أعماله الفكرية، وذلك وفقاً لنظام (حماية حقوق المؤلف) 1424هـ، وقد عرَّفت اللائحة التنفيذية لنظام حماية حقوق المؤلف في السعودية حق المؤلف: “بأنه مجموعة المصالح المادية والمعنوية التي تثبت للشخص على مصنفه”.
المؤلف والمصنفات المحمية:
يحمي نظام حماية حقوق المؤلف المصنفات، وهي كما وردت في مادته الثانية كالتالي:
- الكتب والكتيبات والمواد المكتوبة الأخرى.
- الأعمال الشفوية، مثل: المحاضرات والخطب والأشعار والأناشيد.
- الأعمال المسرحية والتمثيليات والاستعراضات الصوتية أو الحركية.
- المصنفات المخصصة للبث الإذاعي أو التلفزيوني.
- أعمال الرسم، والفنون التشكيلية، والعمارة، والزخرفة، والحياكة.
- الأعمال السمعية والسمعية البصرية.
- الفنون التطبيقية سواء كانت يدوية أو صناعية.
- أعمال التصوير الفوتوغرافي.
- الصور التوضيحية، والرسوم، والخرائط، والمخططات، والتصاميم، والنماذج المتصلة بالجغرافيا أو العمارة أو العلوم.
- المصنفات المجسمة العلمية أو الجغرافية.
- برمجيات الحاسب الآلي.
- عناوين المصنفات إذا كانت مبتكرة وغير مألوفة.
يعكس هذا التنوع مرونة نظام حماية حقوق المؤلف في المملكة، وحرصه على مواكبة التطورات الثقافية والتقنية. ويؤكد حرص المملكة على حماية مختلف أشكال الإبداع.
الحقوق الأدبية للمؤلف:
تحظى الحقوق الأدبية في نظام حماية حقوق المؤلف بأهمية خاصة، إذ تُعد من الحقوق الدائمة التي لا تقبل التنازل عنها أو سقوطها بمرور الوقت، فهي تحمي أعمال المؤلف من أي تعديل أو تغيير بها .
وقد نص النظام على أبرز هذه الحقوق، والتي تشمل ما يلي:
- حق نسبة المصنف للمؤلف، ويشمل حرية نشره باسمه الحقيقي، أو باستخدام اسم مستعار، أو بدون اسم.
- حق حماية المصنف من أي تعديل غير مصرح به، بما في ذلك الحذف أو الإضافة أو التغيير أو التشويه الذي قد يخل بمضمون العمل.
- حق المؤلف في تعديل المصنف أو سحبه من التداول، إذا رأى أن ذلك ضروري.
- استمرار الحماية الأدبية دون تقادم أو تنازل، حتى في حال السماح للغير باستغلال المصنف تجارياً أو استخدامه.
- انتقال الحقوق الأدبية للهيئة السعودية للملكية الفكرية بعد وفاة المؤلف في حال عدم وجود ورثة، لضمان استمرار نسب العمل إلى صاحبه وحمايته من أي إساءة استخدام.
بهذه الصورة، يؤكد نظام حماية حقوق المؤلف على احترام الهوية الفكرية للمؤلف، وضمان استمرار ارتباط اسمه بإبداعه مدى الحياة وحتى بعد رحيله.
الحقوق المالية للمؤلف:
إلى جانب الحقوق الأدبية المؤلف يتمتع بحقوق مالية أيضاً تكفل له الاستفادة من مصنفه مادياً، وهو ما نصت عليه المادة التاسعة من نظام حماية حقوق المؤلف، وتشمل هذه الحقوق ما يلي:
- الحق في طبع ونشر المصنف بجميع أشكاله، سواء في صورة مطبوعة، أو تسجيلات صوتية أو مرئية، أو عبر الوسائط الرقمية.
- الحق في ترجمة المصنف إلى لغات أخرى، أو تعديله، أو اقتباسه، أو إعادة توزيعه باستخدام وسائل متعددة.
- الحق في إتاحة المصنف للجمهور، سواء من خلال العروض العامة، أو الأداء التمثيلي، أو البث عبر الإذاعة أو الإنترنت.
- الحق في الاستغلال مادياً للمصنف، بما يشمل إعادة إنتاجه أو تأجيره تجارياً بما يتوافق مع ما هو مصرح به.
- ويتمتع مؤلفو المصنفات الفنية والأدبية والمحتوى السمعي والبصري بحقوق مالية محددة وفقاً لما تنظمه اللائحة التنفيذية للنظام.
وتُعد هذه الحقوق وسيلة لضمان حصول المؤلف على مقابل مالي عادل عند استخدام مصنفه بأي صورة كانت.
مدة حماية حقوق المؤلف:
تضمن أنظمة حماية حقوق المؤلف في السعودية استمرار الحماية القانونية للمصنفات طوال حياة المؤلف ولمدة 50 سنة بعد وفاته، وذلك كما ورد في المادة التاسعة عشرة من النظام، بما يكفل له الاستفادة من حقوقه خلال حياته، وضمان حق الورثة في الاستفادة بعد وفاته.
وتختلف مدة الحماية بحسب نوع المصنف كالتالي:
- المؤلف الفردي: تُمنح الحماية طوال حياة المؤلف، وتمتد لخمسين عاماً بعد وفاته.
- المصنفات المشتركة: تبدأ مدة الحماية من تاريخ وفاة آخر مؤلف على قيد الحياة.
- المصنفات الصادرة باسم مستعار، أو باسم مجهول، أو العائدة لشخص اعتباري: تُحمى لمدة 50 عاماً من تاريخ أول نشر، وإذا تم الكشف عن هوية المؤلف خلال تلك الفترة، تُحتسب المدة على أساس المؤلف الفردي.
- تحظى المصنفات السمعية والبصرية، والمصنفات الجماعية، وبرامج الحاسب الآلي بالحماية لمدة خمسين عاماً تُحتسب من تاريخ أول نشر أو عرض، دون أن تؤثر أي عمليات إعادة نشر لاحقة على هذه المدة.
- أعمال الفنون التطبيقية والصور الفوتوغرافية: تحظى بحماية لمدة 25 سنة فقط من تاريخ أول نشر، وتحتسب المدة في هذه الحالة من تاريخ النشر الأول للمصنف، دون اعتبار لأي إعادة نشر لاحقة.
يضمن ذلك حماية الحقوق لفترات ممتدة، مما يسهم مما يسهم في دعم استدامة العوائد المالية للأعمال الإبداعية.
عقوبات انتهاك حقوق المؤلف:
أولاً: نص نظام حماية حقوق المؤلف السعودي في حال مخالفة أي حكم من أحكام النظام على العقوبات التالية:
- توجيه إنذار للمخالف.
- فرض غرامة مالية لا تتجاوز 250,000 ريال وفقاً لتقدير اللجنة المختصة.
- إغلاق المنشأة المخالفة أو المشاركة في المخالفة لمدة أقصاها شهرين.
- تتم مصادرة جميع النسخ غير المشروعة للمصنف، وكذلك الأدوات المستخدمة في ارتكاب التعدي.
- قد يُحكم على المخالف بالحبس لفترة لا تزيد عن ستة أشهر.
وفي حال تكرار المخالفة:
- يكون من حق الجهات المختصة تشديد العقوبة بزيادة الغرامة، أو مدة الإغلاق.
وإذا كانت المخالفة جسيمة:
مثل تلك التي تستحق عقوبة حبس أو غرامة تتجاوز 100 ألف ريال أو تتطلب محو الترخيص، يجوز للوزير المختص إحالة المخالفة إلى ديوان المظالم للنظر فيها.
كما يمكن اتخاذ الإجراءات التالية بحسب تقدير اللجنة:
- نشر اسم المخالف والتشهير به على نفقته، بالوسيلة المناسبة.
- تعليق المنشأة المخالفة من المشاركة في الفعاليات والمعارض التجارية لفترة لا تزيد عن عامين، إذا وقعت المخالفة خلال فعالية تجارية.
- إصدار قرار فوري بوقف تداول المصنف المعتدى عليه سواء بالنشر أو الطباعة أو التوزيع، مع اتخاذ تدابير تحفظية مثل الحجز على النسخ أو النسخ الرقمية، إلى حين صدور القرار النهائي في القضية أو التظلم .
